عـمارة مصر ...

لو تخيلنا المجتمع المصرى على هيئة عـمارة سكنية .. فإننى ساقسمها إلى 3 مستويات : الأدوار السفلى .. والأدوار المتوسطة .. والأدوار العليا ..

الأدوار السفلى : يسكنها أغـلب الشعب .. هـم العمال والفلاحين .. وصغـار الموظفين وصغار التجار .. وهـم الحـرفيين والمهنيين .. هـم الخـدم والسائقين وعـمال النظافة .. هـم عـمال المطاعم والفنادق والباعة الجائلين .. هم سائقى القطارات والتوك توك .. هـم عـساكر الأمن المركزى .. هم صغـار المجرمين واللصوص وقاطعى الطرق وهـم أغـلب المتهمين والمسجونين .. هـم صغـار تـجـار المخـدرات وهـم متعـاطيهـا .. يسكنون المناطق الشعبية ويسكنون العـشـوائيات ويسكنون فى المقابر .. يسكنون فى القـرى والنجـوع والكفور .. منازلهم ضيقة وكذلك شوارعهم ..

يعـانون من الجهل وتوابعه .. ومن الفقر ونتائجه ... ومن المرض ومضاعفاته ..

يعـانون من سوء الـتعـليم .. وهـم من يـتـعـاطـون الـفـنـون الهابطة ..

الأدوار المتوسطة : يسكنون فى المناطق الراقية فى المدن .. لديهم بعض الممتلكات ويسعـون لزيادتها .. أغلبهم متعـلمون .. وأغـلب الـحـاصلين على شهادات فـوق العـليا يتواجدون فى هـذه الطبقة .. يكتسبون دخولهم بسبب عـائد أملاكهم أو شهادات إيداعهم أو بسبب أعمالهم المتميزة ..

هـم كبار الأطباء والمهندسين والتجـار والمحـاسبين والظباط والمحـامين ... هـم المدراء والصناع والمقاولين والمستوردين وتجار الأراضى وأصحاب المهن والتخصصات النادرة ...

يملكون سيارة أو أكثر .. و هـم أغـلب راكبى الطائرات وأغـلب أعـضـاء الأندية الخاصة ... لا يحملون هما لمصاريف العـلاج و لا المصايف .. ولا يعـانون كثيرا من مصاريف التعـليم ...

 الأدوار العليا : ويقطنها عـلية القـوم بـدءا من رئيس الجـمهـورية والوزراء والمحـافـظـين وكبار رجـال الأعـمال وأعـضـاء البرلمان ورؤساء المدن والأحـياء .. ورؤساء الجـامعـات وعـمداء الكليات .. وكبار القضاة والمحامون ومشاهـير الإعـلام والفـن والرياضة .. وأصحـاب الفنادق والمدارس والمستشفيات والشركات الكبرى والمصانع والتوكيلات .. ورؤساء الهيئات الحـكومية ..

يسكنون القصور والفيلات والكومباوندات ... ومنهم مالكى الطائرات .. يتعالجون فى الخارج أو فى مستشفيات فـندقـية .. مصايفهم تـطـل على البحر مباشرة .. وهـم كل من يسافـرون للخـارج للتنزه ..

 هـم مستوردى التوك توك .. ومستوردى المنتجات الفاسدة والمبيدات الضارة ... هـم مهربى الأسلحة والمخـدرات ... هـم مشرعى الـقـوانين .. وهم أصـحـاب قـضايا الفساد الكبرى ... هم سارقى أراضى الدولة .. وكبار تـجـار العملة ... هم المسئولين عن فساد التعـليم وواضعى مناهـجه .. هم كبار المرتشين والمزورين ... وهم صانعى الفنون الهابطة والصحافة الصفراء والإعـلام المضلل ... وهم المسئولين عن الـخـطـط القـومية والسياسات الـعـامة الـفـاشلة ..

 - عـمارة مصر هـذه تعانى من سوء حـالة مواسير الصرف الصحى والموجودة فى الأدوار العـليا ... الجميع يستنشقـون رائحة تلك المياه .. ولكن المعـاناة الأساسية تكمن لدى سكان الأدوار السفلية حـيث تتساقـط عـليهم المياه وتستقـر ... فتفسد عـليهم حـياتهم وتصيبهم بالأمراض و تزيد من معاناتهم وتمنعهم من حـل مشاكلهم ..

-قـام سكان الأدوار السفلية و معهم بعض سكان الأدوار المتوسطة بثورة سلمية مطالبين بإصلاح مواسير الصرف وعـزل مأمور إتـحـاد الـمـلاك ومساعـديه وتـغـيـيـر طريقة إدارة العمارة ... وبعـد أن اعـتقـدوا أن ثورتهم إنتهت قـاموا بمحـاولة لتجـديد مدخل العمارة ودهـان رصيفها وتوزيع ورق على السكان بـعـدم دفـع رشاوى وأن نعمل جـميعـا على تجـديد العمارة ... ثم انـتـظـروا أن يـحـاول سكان الأدوار العـليا ومـلاك العمارة أن يصلحـوهـا ... ولكن انـتـظـارهم طال وبدون أى تـغـيـيـر حتى الآن ...

 شىء سيىء و محزن ألا يشعـر سكان الأدوار العليا والمتوسطة بمعاناة شركائهم فى الوطن من سكان الأدوار السفلية .. وأن يتهموهم بأنهم المسئولين عن سوء حالة العمارة وأن يطالبوهم بمزيد من الصبر وتحمل الغـلاء ودفـع المزيد من الضرائب ...

والأكثر حـزنا وأسـفـا ... و المثير للـتـعـجـب والدهـشة فى نفس الوقـت أن بعـض سكان الأدوار السفـلية يتهمون بعـضهـم بأنهم السبب فى خـراب العـمارة ... ويطالبون بعضهم بالثقة فى سكان الأدوار العليا .. والبعض يطالبهم بأن يغنوا ويرقصوا حـبا و مدحـا فى سكان الأدوار العليا .. والبعض يطالبهم بأن يـحـلـوا مشاكلهم أولا ... وأن يـعـلـمـوا أنفسهم ويعالجوا أنفسهم ويوفـروا الوظائف لأنفسهم أولا .. والبعض يتهمهم بأنهم أعـداء هـذه العـمارة والمتآمرين عـليهـا ...

- كان الله فى عـون كل سكان الأدوار الـسفـلـية فى مصر .. وحمى الله العمارة كلها مما يمكن أن يصيبها من تصدعات وتشققات وحفظها من الوقوع والسقوط ...

        30/3/2016